قاسية أنتِ وأقسى منكِ هذا الغياب، وطاغيةٌ هو الشّوق الذي صارَ وطنًا إليه أنتمي ، وبي ما أعجز أنا عن فهمه ،، بي عشقٌ يزداد وينمو ، وبي قلب بين مطرقة غيابك وسندان شوقي لمّا يزل يراكِ أرقّ من كلّ زهرٍ في الوجود.
بينَ وسنِ الجَفنِ ويقظةِ الرّوحِ حضَرتِ ؛ ببعضٍ منكِ حَضَرتِ .. قَمَرًا توسّطَ غيمتين ، وفيضَ نورٍ سالَ على صفحةِ ماءٍ ، يَخترقُهُ ظلٌّ رفيعٌ لليلٍ يلتفُّ فوقَ الترقوة ، متوسّطًا الأشيع والعضد ، حبلَ مشنقةٍ لنَهْدٍ يُعلنُ على الليلِ ثورته ؛ فتختنقُ بالشّنـقِ انفاسي .
أبجديّتكِ وأُمّـيّتي
بينَ وسنِ الجَفنِ ويقظةِ الرّوحِ حضَرتِ ؛ ببعضٍ منكِ حَضَرتِ .. قَمَرًا توسّطَ غيمتين ، وفيضَ نورٍ سالَ على صفحةِ ماءٍ ، يَخترقُهُ ظلٌّ رفيعٌ لليلٍ يلتفُّ فوقَ الترقوة ، متوسّطًا الأشيع والعضد ، حبلَ مشنقةٍ لنَهْدٍ يُعلنُ على الليلِ ثورته ؛ فتختنقُ بالشّنـقِ انفاسي .
وقلتِ : اقرأني ؛ فبكيتُ ..
كيفَ ؟
وأبجديّةُ الجسدِ هذه تفوقُ قدرتي على تهجئةِ الحروف ..
كمٌّ هائلٌ مِنَ الحسنِ انتِ ، ومحالٌ لحَدَقتَيَّ الضئيلتينِ أن تحتويا السّماءَ بنظرةٍ ..
كفيفًا أجدني ..
ولم يكنّ في عاقلةِ برايل أنّ هناكَ جمالَكِ ، فغَدَتْ أصابعي بعد باصرتيَّ ، محكومةً بأنْ تبقى أمّيّةَ الحرفِ فيكِ .
أقرؤكِ !
كيفَ ؟…
قابضةَ الخَفقِ ..
آسرةَ الخيالِ ..
أيّتها المعشوقةُ المحالُ ؛
سأُنبئُكِ بأنّي وعنّي .. فارفعيني إليكِ لتصغي لحديثِ القلبِ منّي ..
كثيرًا ـ يا سيّدتي ـ ما تفاخرتُ دونكِ بقراءاتي ، وعلومي ، وثقافتي ، وقصائدَ شعري ، وبما اجيدُهُ من أسطورةِ الأنثى .
وكثيرًا ـ يا سيّدتي ـ ما تقزّمتُ فيكِ ؛ كلّما لمعت في خاطري عيناكِ ، أو تردّدَ اسمُكِ مِنّي في مَجرى النّفَس .
وفي نظرةٍ لبعضكِ اكتشفتُ : أنّي قبلكِ جَهلٌ مُطبِقٌ ، وأنّي في حضورِكِ عجزٌ مُطلَقُ ، وأنّي فيكِ ضئيلٌ .. ضئيل .. فساديّةُ الجمالِ انتِ ، ومازوشيُّ العشقِ أنا ؛ أُحَقّقُ انتصارَ قلبي عليَّ كُلّما ازددْتُ فيكِ انهزامًا.
وقلتِ : اكتبني ؛ فبكيتُ ..
وألْفَيْتُني طويلَ الدّمعِ ، مبتورَ القلم .
اكتبكِ ! ..
كيفَ ؟
وكلّما حاولتُ رسمَكِ ، ازدادَ عنكِ تقزّمُ حرفي ، واتّسعَ تقعّرُ لغتي ، وعثَرتُني في بعثرتي أردّدُ :
ـ يا ربّ الأبجديّاتِ ؛ هَبني مِنْ لدُنكَ حرفًا ارتقي به ادراجَ الثريا ، عساهُ يخطُّ بعضَها منّي اليراعُ…
ثمَّ فارغًا من الحبرِ ألَملمُني ، ضيّقةً أسطري عن حجمِ ما انتِ فيَّ ، فألوذُ بهمزةٍ ، وحاءٍ ، وباءٍ أكرّرها ، وكافٍ ، خمسَ جهاتٍ اعبرها مجتمعةً إليكِ ، ولستُ أبلغُكِ ، إذ ..
خارجَ كلّ الحدودِ انتِ ، وقبلَ أنْ أكونَ كنتِ ؛ عشقًا يستنسخُ خفقي ، دونَ أنْ يَحضرَ فأسكنَهُ ، أو أَنْ يغيبَ فأنعاني ! ..
قدرٌ ـ يا سيّدتي ـ أنْ تكوني ما لا يُدرَكُ ، وأنْ بالدمعِ وبالدّمعِ أهواكِ …
قصّة قصيرة بقلم الأستاذ الأديب مصطفى سعيّد
تعليقات
إرسال تعليق