القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المقالات [LastPost]



ثلاث نقاط 

في سكراتِ الجنونِ، تحضرُ أنثى من غياب، خمرةَ كأسٍ، كلّما ارتشفتُ منها، فاضت عذوبةً، فلا جمالُها ينضبُ و،لا أنا عن صبوحي وغبوقي بها أتوبُ … 

فإذا ما شاقني الصمتُ، أعلنتُ عجزَ لغتي على الأوراق… 

. . . ثلاثَ نقاط 


ثلاثُ نقاطٍ … 

وأنكبُّ على رثّ المُفرداتِ أرتُقُها غِلالةَ روحٍ جرّدها ثوبَها السّابع بعدَ الأربعينَ وَجدٌ استبدّ بها على قارعةِ غُربةٍ في ليلِ المسافاتِ الحزين … 

ثلاثُ نقاطٍ… 

أكرّرها… امتدادَ أنفاسٍ في حَذْفِها العَدَمُ، وليسَ لسالِفِها اختزالُ، فمستهَلُّ النبضِ لكِ سما عن أن يُدانيهِ كَمٌّ وكيف… 

ثلاثُ نقاطٍ… 

أُقاطعُ بها نَجوى الصّمتِ في كتابِ خفقي المفتوحِ لكِ، لزومَ الوَقفِ عندَ فاصلَةِ شوقٍ في بيانِ وتينٍ تَعجَزُ اللّغاتُ تَكتُبُهُ… 

يا وجوبًا كنْتُهُ… 

ويا وجودًا صرتُهُ… 

مُنذُ ملَكتِ كياني قَبلي، وضَمَمْتُكِ طَيَّ الوريدِ مُهجَةً تَعظُمُ عَن أبجَديّةٍ أتوسّلُها ارتقاءً إليكِ؛ فتقصُرُ عَنْ مُجاوزَةِ لَفظِ اسمِكِ ألْهِجُهُ خشوعَ الوالهين… 

وَكُلّما ترنّمتُ بهِ، انثالَتْ على عاقلتي معانيكِ، مصادرَ اشتقاقاتِ معاجمِ الجمالِ والسّحرِ، وجذورَ أوصافِ السّماء والبحرِ، فيأخذُني الذّهولُ وأسقطُ أسيرَ الصمتِ وعَبرتي… 

فيا لألفبائكِ الكون! ويا لِلسانيَ الطّفل ! 

ثلاثُ نقاطٍ… 

وكيفَ لي لغةٌ تكتبُكِ ؟ 

أَيْ فاتنتي… 

أيْ آسرَتي… 

أيْ دَهشتي الكبرى… 

كيفَ لي ألفاظٌ تخطُّ بهاءَكِ الكليَّ حبرًا على الورقِ ؟ 

هيهاتَ… هيهات… 

وكيفَ لذبولِ عشبٍ على جرفِ صخرٍ إدراكُ الثّناءِ لكفّ الغمام؟!… 

فَلَكَمْ ناديتُكِ عشقًا ما بلغتُ منتهى لفظِكِ فيهِ !… 

وَلكَمْ استَلْهَمْتُكِ روحَ القصيدِ، وما بَثَثْتُكِ حديثَ القَلْبِ مِنّي !… 

أَلوذُ بِصَمتي وعَبرةِ عجزي… 

فرُبَّ عِشقٍ دمعًا يكونُ… 

وَرُبَّ نَبْضٍ صَمتًا يُباحُ…

بقلم الأديب الأستاذ مصطفى سعيّد
reaction:

تعليقات