نسّق الإطار الأوروبيّ العمل اللغويّ على أساس مستويات يحصّلها المتعلّم من البداية (مبتدئ) وصولاً إلى الإجادة (يعرّف/ يطرح الأفكار/ يناقشها ويحاجج ويجادل)
ويتّضح في هذه المقاربة أنّ (الإطار الأوروبيّ) ينظم الفرد ليصبح متمكّناً من توظيف اللغة الثانية في مسيرته التواصليّة.
وفي ورقتنا هذه مسعى إلى موازنة الإطار مع لغتنا العربيّة؛ وطموحنا في إيجاد مقاربة تجعل اللغة العربيّة تستفيد من معطيات هذا الإطار...
وتتمحور الإشكاليّة أساساً حول كفاية التواصل أو التعليم الاتّصاليّ وهي موسومة بالآتي:
وفي ورقتنا هذه مسعى إلى موازنة الإطار مع لغتنا العربيّة؛ وطموحنا في إيجاد مقاربة تجعل اللغة العربيّة تستفيد من معطيات هذا الإطار...
وتتمحور الإشكاليّة أساساً حول كفاية التواصل أو التعليم الاتّصاليّ وهي موسومة بالآتي:
- كيف يرى المتعلّم السياق الخارجيّ والتواصل مع الآخرين؟
- هل ثمّة قيود تضعها العمليّة الاتّصاليّة بحسب السياق الخارجيّ؟ وهل من طريقة انتقائيّة لتفادي هذا الأمر؟
هذه الأقسام تدرّجت بشكل سُلّميّ بين المستويات؛ بحيث يؤدّي كلّ قسم مستحصل أو مستوى مستجدى إلى الآخر.
ومن الممكن استنباط الخيوط العريضة أو الأساسيّة التي ارتآها الإطار من أجل هذا السبيل البيداغوجيّ، والتي تتجلّى بالآتي:
- السلوك:
السلوك هو التصرّف اللغويّ، أي كيف تصبح اللغة سلوكاً وطريقة حياة ينتهجها المتعلّم بشكل حيّ وحيثيّ مباشر، على قاعدة أنّ اللغة بنت الحاجة، والسلوك ليس غريباً عن المباحث اللغويّة، وقد تناولته النظريّات بحزم وجديّة تشي بأهمّيّته انطلاقاً من تشومسكي وغيره...
والدرس المقترح لهذا الغرض هو التلخيص والتفصيل (الإيجاز والإطناب وعلاقته بالخبر التواصليّ).
كيف ينجز متعلّم اللغة العربيّة لغة ثانية مواقفه التواصليّة ضمن سلوك عامّ مترسّخ فيه؟
وما السبيل للموازنة التلفّظيّة بحسب حاجة المتعلّم أو ما يُعْرَف في التراث اللغويّ الأصوليّ بـ(مقتضى الحال)؟
وإلى أي مدى تكون اللغة العربيّة مطواعة في مجالات تلبية رغبات المتعلّم واحتياجاته كافّة؛ سواء أكانت مادّيّة أم شعوريّة بين فلسفتَي الإيجاز والإطناب في اللغة؟
نحن أمام مسألة واسعة وتنتمي إلى تنظير تاريخيّ تصدّت له غير مدوّنة عربيّة أصوليّة، ولعلّ أبرز هذه المدوّنات الأصوليّة وجدناها عند (عبد القاهر الجرجانيّ)
ولاسيّما في كتابه (دلائل الإعجاز)، عند تناوله القضيّة -أي الإيجاز والإطناب- من باب تيسير الحدث التواصليّ وإيفاء الكلام غرضه من التلفّظ.
ويقوم التلفّظ على مراعاة الحالات المرجعيّة بالنسبة إلى عمليّة التواصل اللغويّ، أي ردّ كلام المرسِل إلى معان يتوخّاها وقد يومئ بها إيماء
إذن، متعلّم العربيّة لغة ثانيةً أمام مفعوليْن مندمجيْن بين الأصالة والحداثة؛ هذان المفعولان يشكّلان فلسفة استعماليّة للغته الجديدة، العربيّة، ولاسيّما بعد أن يقيسها ويوازنها بحدّ العبارات مع لغته الأم
فيلاحظ على الإثر الفارق التيسيريّ في التواصل، وهو ما تقدّمه العربيّة دوناً عن بقيّة اللغات التي قد ينهل منها المتعلّم. وهذا المبدأ موجود في لغتنا العربيّة وهي التي تعتمد فلسفة (خير الكلام ما قلّ ودلّ). - الكفاءة اللغويّة:
نرد هنا إلى مبدأ جديد من مبادئ الإطار الأوروبيّ في تعلّميّة اللغات، وهو مبدأ الكفاءة اللغويّة.
ومسألة الكفاءة اللغويّة ليست غريبة عن علوم اللغة العربيّة، بل إنّها من الأكثر أهمّيّة في الجوانب البيداغوجيّة والتربويّة التي تتوخّاها هذه اللغة في إكسابها الفرد العلوم العربيّة من أصول وبلاغة وصرف ونحو...
بما معناه أنّ الأصوليين لم يُغفلوا هذا الجانب بل خاضوا فيه الكثير من التجارب والمباحث، وهذا ما تلقّفه لاحقاً باحثو التربيّة اللغويّة الحديثين من مثل بياجيه وتشومسكي وبنفينيست...
فكيف يقوم متعلّم اللغة العربيّة لغةً ثانية بتطبيق كفاءاته اللغويّة المعرفيّة؟ وإلى أيّ مدى يبدو هذا المبدأ التطبيقيّ بالنسبة إلى الكفايات والمعارف المجرّدة قائماً وموجوداً في فلسفة اللغة العربيّة البيداغوجيّة بما يتوافق مع رؤى الإطار الأوروبيّ لتعلّميّة اللغات؟
أمّا على صعيد الرافد الأصوليّ فمن الممكن الركون إلى مفهوم (ابن جنّي) في معرض الوصف لتصرّف العربيّ فيما يحوزه في جعبته اللغويّة أو حصيلته من موادّ معدّة للاستخدام بحكم الاستعمال، وتلاه على هذا المنوال اللسانيّ الشهير تشومسكي.
وعلى سبيل المقاربة التطبيقيّة الممكنة، نضع هذه العيّنة من الكفايات الأصوليّة في قواعد اللغة العربيّة، والتي يستوجب أخذ العلم بها من لدن المتعلّم.
والعيّنة تحت عنوان: الإسناد والاستبدال اللغويّ (استثمارات التوليد والتحويل في درس الكلام وتأليفه).
محمد حمادي. من كلمة
أُلْقِيَت في مؤتمر دوليّ
تعليقات
إرسال تعليق